صورة الملف الشخصي لـ م.طارق الموصللي

لم أكن لأُجيب على سؤالك، لولا طلبك المباشر! فأنا شخصٌ لا يُتقن المؤازرة أو المواساة، وأؤمن تمامًا أنك غنيٌ عن نصائح فارغة لتجاوز فاجعتك.
لذا، لا أعلم من أين أبدأ!

سوى أنني أظنك مهتمًا بمعرفة أنني مررت بموقفٍ مُشابه (ولا أقول مماثل) قبل أقل من شهرين: وفاة جدتي "لأمي"

[رحم الله من دعى لها بالرحمة والمغفرة]

ورغم أنه لم يكن لقائي الأول مع الموت (ولن يكون الأخير)، لكن كان للألم الذي خلفه موتها بالغ الآثر.

لم أكن لأعرف قصة كليم الله (موسى) لولاها، الرضيع الذي وضعته والدته في اليمّ المخيف، ليكون سببًا لنجاته -وبني إسرائيل- بعد عقدين ونيف.

ولم أكن لأتذوق لذة الصيام لولا "البيض المقلي" الذي كانت تُعدّه ليّ على السحور بمقلاتها البسيطة التي لا تملك يدًا، فكانت تُضطر لإمساكها بقطعة قماش -لا تدرئ الحرّ أبدًا- كل يوم.

وماذا عساي أقول عن صُنعها (قالب الكيك) الذي لم أتذوق مثله من قبل ولا من بعد؟ كانت -رحمها المولى- ترفض أن أساعدها في إعداده "ليكون حُبها وحده المكون الأساسي"

ثم جاء هادم اللذات، فأقفل بيده بابًا من أبواب السعادة في حياتي.

أسرد هذه القصة لأقول أننا سويّة في هذا.

وفي حين عاد الجميع من جانب قبرها يمسحون دموعهم، عُدت أنا لأكتشف إصابتي بـاللمفوما Lymphoma (من شدّة حُزني عليها). لكنني هنا لأجلك، لذا فلن أروِ قصتي معها.

[إن كنت مهتمًا، فحاول الاشتراك في قائمتي البريدية لتصلك التدوينة فور نشرها.]

~~~

نصل هنا للجزء الأهم: أثناء تلقي مكالمات التعزية، سمعت عبارة أثلجت صدري:

هي الآن في مكانٍ أفضل، حيث ذهبت للقاء وجه بارئها -سبحانه- الذي لا يُضام عنده أحد.

أظنك تُدرك -كأحد أبناء العراق الجريح- صحة هذه العبارة، فقد ذكرت في إحدى إجاباتك، واسمح ليّ هنا بالاقتباس:

الوضع هنا ليس بخير لا يمكننك ان تجدي جانب واحد يدعك تتفائلي بالمستقبل القريب

ينطبق ذات الأمر علينا أبناء سورية المكلومة. إذ عاشت جدتي أيامها الأخيرة تعاني من آلامٍ شديدة في الصدر (لو كنّا في بلدٍ آخر لما عرِفتها أصلًا. لكنها الخدمة الطبية المتردية هنا).

لنفكر في الأمر: أليس في حُزننا على رحيلهم رغم هذه الظروف.. شيء من الأنانية؟
لا أعلم عن كم عام توفي والدك،
لكنه -رحمه الله- عانى كثيرًا بلا شكّ، فجاء موته بردًا وسلامًا لروحه. تذكر ذلك في كل مرة تقرأ لروحه الفاتحة.

عرض 3 إجابات أخرى على هذا السؤال